Freedom & DemocracyHuman Rights

الموت في المنفى جمال خاشقجي شاهدًا على مطاردة الحقيقة

خاشقجي: الكلمة التي أخافت العرش

في عالم تتسع فيه الجغرافيا، تضيق فيه الحرية. كثير من المعارضين يظنون أن مغادرة أوطانهم تعني النجاة، ولكن ما لا يعرفه البعض هو أن قبضة الأنظمة المستبدة تتجاوز الحدود، وعيونها لا تغمض.
قضية جمال خاشقجي ليست فقط جريمة اغتيال، بل دليل صارخ على أن المنفى لا يمنح الأمان دائمًا.


خاشقجي: الكلمة التي أخافت العرش

في أكتوبر 2018، دخل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قنصلية بلاده في إسطنبول، ولم يخرج منها.
دخل باسم الحب… وخرج اسمه ضمن قائمة الشهداء. لم يكن يحمل إلا قلمه، لكن هذا القلم كان كافيًا ليهتز له نظامٌ سلطويٌّ ملكي، جعل من نفسه حكمًا وجلادًا في آن.

لقد قتلوا خاشقجي لأن صوته كان أبعد من الحدود، ولأن المنفى لم يسكت قلبه، بل حرره ليتحدث أكثر عن الحريات، عن الإعلام، عن حق الإنسان العربي في ألا يُعامل كعبد.


ليست جريمة معزولة… بل سياسة ممنهجة

خاشقجي ليس الأول، ولن يكون الأخير. إن ملاحقة المعارضين خارج بلادهم باتت جزءًا من منظومة عمل السلطات الاستبدادية:

  • في سوريا، كتبنا سابقًا عن مازن الحُمّادة، الذي نجا من جحيم التعذيب في سجن صيدنايا، ليروي للعالم ما جرى. لكنه، رغم نجاته الجسدية، عاد إلى دمشق تحت الضغط، وهناك قُتل تحت التعذيب مرة أخرى.
    (رابط المقال السابق متوفر على موقعنا)
  • وفي لبنان، نتابع هذه الأيام تطورات قضية عبد الرحمن يوسف القرضاوي، المعارض المصري الذي تم توقيفه أمنيًا بطلب من نظام السيسي، رغم حمله للجنسية القطرية. سننشر قريبًا تحقيقًا خاصًا عن ظروف اعتقاله، وكيف تحوّل المنفى إلى مصيدة.

لا حماية خارج الحدود

الأنظمة التي تخشى الكلمة، لا تكفّ عن ملاحقة من قالوها. من المغرب إلى الخليج، من القاهرة إلى دمشق، لا فرق بين:

  • اغتيال علني كما حدث مع خاشقجي،
  • أو استدعاء سري كما حدث مع مازن،
  • أو تعاون أمني خارج الحدود كما يحدث الآن مع عبد الرحمن يوسف القرضاوي.

الرسالة واحدة: “لا تظن أن نفيك يحميك… نحن قادمون.”


خاشقجي في ظلّ “القوقعة”

كما وصف مصطفى خليفة في «القوقعة» حال المعتقلين في سجون سوريا، كان جمال خاشقجي في قنصلية بلاده محاصرًا بجدران لا تُرى.
داخل القنصلية، غابت القوانين، وحضرت السكاكين، وخرجت الرسالة بوضوح:

“صوتك خطرٌ علينا… وجسدك ثمنه.”


لماذا يجب أن نتحدث عن هؤلاء؟

نكتب هذه المقالات، لا لنرثيهم فقط، بل لنقول للعالم:

  • أن المنفى لا يكفي لحماية الصحفيين والمعارضين.
  • أن صمت العالم على ملاحقة المنفيين هو مشاركة في الجريمة.
  • وأن الكلمة ما زالت أقوى من الرصاص… بدليل أنهم يطاردون أصحابها حتى في المنافي.

ختامًا

في الأيام القادمة، سننشر تحقيقًا خاصًا عن قضية يوسف القرضاوي، ضمن سلسلة “المنفى الخادع”.
وقد نشرنا بالفعل شهادة مازن الحُمّادة، الذي كان يُظن أنه نجا… فتبين أن الموت كان ينتظره بعد العودة.

أما اليوم، فنذكّر بخاشقجي، الذي لم تمنعه المسافة، لكن لم تحمه كذلك.
لقد سقط الجسد، وبقي الصوت.
وهذا الصوت، سنظل نكرّره حتى لا يُقتل من جديد.

Ahmed Magdy

I am an Egyptian software engineer with a passion for history, psychology, and politics. I love my country and believe in freedom, aspiring to see Egypt great and prosperous. I aim to combine my technical expertise with my aspirations for societal progress and achieving freedom and prosperity for my nation.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى